نون الحبّ.. وجنونه

2015-03-23

مضى ما يقرب الشهرين على آخر تدوينة لي هنا، منذ أن غادرتُ البلاد متجهًا للعيش مع زوجتي على ضفاف بحرٍ منسيّ..
هل قلتُ زوجتي؟! نعم :)، وهذا واحدٌ من أهم أسباب كتابتي المتقطعة هنا، فقد ارتبطتُ رسميًا بشريكتي الروحية حنين، بعد ثلاث سنوات من ارتباطٍ وجداني صوفيّ عميق..

وكمحاولة في اتباع حكمة شرقية قديمة، بتغيير اتجاه الأشرعة؛ للاستفادة من ذات الرياح التي تقاوم حركة السفن، قررت أن أحول موضوع “زواجي الجديد”، من كونه شاغلًا عن التفكير في كتابة مواضيع جديدة هنا، ليكون هو عينه موضوعًا للكتابة الجديدة والمستمرة 🙂

تعرفتُ على حنين من خلال تعليقاتها المتنوعة في مدونتي السابقة – طريفيّات، لتأخذنا رسالة بريدية مختصرة حول التعليم المنزلي؛ إلى دردشة رقمية مطوّلة عن الأحوال الميدانية في مدينتي، ومن ثمّ إلى جلسات إدمانية مفتوحة حول كلّ شيء، دامت لسنوات، بنينا خلالها علاقة فريدة في عمقها وتفاصيلها، كشفت لنا عن إمكانية تحقيق ولادة جديدة لكلينا، ماكانت لتخطر على بالنا لحظة قلتُ لها: أحبّك، وتوارت هي بالحجاب..

قيل لي كثيرًا أنني متسرّع ومتهوّر، وأنه لا يمكن خلال عشرة أيام – بل أقل! – اتخاذ قرارٍ بالارتباط من إمرأة، يفترض أنني سأعيش معها لسنوات طويلة مقبلة، إلا أنني في قرارة نفسي، كنتُ أمتلك مسبقًا صورةً شبه واضحة لما أريد، لسنوات سابقة، كنت قد اهتممت بتجلية نفسي، محاولًا فهمها، لقد قضيت وقتًا طويلًا معها لا غير. ولستُ أدعي هنا أنني حققتُ فتوحًا في ذلك، إلا أن المحاولات المتكررة غير المتوقفة، تراكم نصيبًا مهمًا.


واحدة من أهم مشكلات قراراتنا الحيوية أننا لا نأخذها عن وعي، نحن لا نعرف مالذي نريده، مالذي يناسبنا، ومالذي يحقق لنا الحياة التي نريد (نحن أصلا لا نملك شكلًا لحياة اخترناها بإرادتنا)، لذا كثيرًا ما تقع الاختيارات الجمعية، مكان اختياراتنا، وننساق وراء الجموع، فندرس ما يقال لنا أنه فرع مهم، أو أنه يحقق دخلًا لائقًا، أو أن له سوقًا طيبة من ناحية التوظيف، ثم نعمل فيما ينصحنا به الأخرون، أنه فرصة جيدة للعمل، ونتزوج في الوقت الذي نرى الأخرين فيه بدأوا يتزوجون، لننجب الأطفال التي يطلب الآخرون منّا انجابها … الخ
هل أبالغ كعادتي؟..
ما أريد إيصاله هو تساؤلي حول كم القرارات والسلوكيات التي نتخذها بوعي، الوعي الذي يدرك من نحن، وماذا نريد، ومالذي نرغب به نحن، وما الأسلوب الذي نفضّل أن نحيا حياتنا وفقه.
هذا الوعي، هو ما يسهّل اتخاذ القرارات (لا سيما الكبيرة والحيوية) في حياتنا، بالاتجاه الذي يناسبنا، وبالسرعة التي يتطلبها كل موقف.


في ذلك الوقت الذي أخبرتها فيه أنني أحبها لم أكن أمتلك قرشًا واحدًا، ولا حتى موردًا ماليًا يمكن أن يؤهلني لاحقًا للحصول على منزل و تأمين مصاريف الزواج، وكان موردي المالي يأتي من أهلي، الجهة المتوقع رفضها للموضوع جملةً وتفصيلًا (وهو ما حصل بالفعل)، وهناك تحدٍ آخر، إذ لم أنهي بعد دراستي الجامعية! كل ذلك يزيد من صعوبة اقناع عائلة حنين بالموافقة على شاب بمثل مواصفاتي! وعلى فرض اقتناعهم، فمالذي يمكن فعله وهو يقطنون في منطقة محاصرة لا يمكن الوصول إليها على الإطلاق!

رغم ذلك فلم تشكل الظروف السابقة – بنظرنا – عائقًا نهائيًا لزواجنا، بل اعتبرناها تحديات، تتطلب منا درجات وأشكال مختلفة من الاستجابة، لنتمكّن من حلها، ونحقق حلمنا أخيرًا، في أن نكون معًا، تحت سقف واحد..

فما هي استراتيجيتنا في التعامل مع كل تلك التحديات؟ وما هي التكتيكات الأحادية لكل واحدٍ منها على حدى؟ لعل هذا ما سأتحدث عنه في التدوينة القادمة


تحولت حياتي الروحية والوجدانية بأكملها لتدور حولكِ، ومعكِ، وبكِ، سيدتي.. تباركت أسماءك


comments powered by Disqus