الخيميائي يرشدك لتحقق أسطورتك الشخصية ..

2009-06-23

منذ فترة بعيدة إلى حدٍ ما لم أقرأ كتاباً على هذا المستوى .. حقاً إنها رواية من روائع الأدب العالمي.

رواية الخيميائي هي العمل الثاني الذي أقرأه لـ باولو كويلو، بعد : مكتوب أن تتخيل قصة جديدة لحياتك.
في البداية عليك إدراك أن الأشخاص المحيطين بك، يجب أن لا يكون لهم دور في رسم أسطورتك الشخصية لأنها شيء ينبع من الداخل ولا يأتي من الخارج، عليك إذاً أن توقف عمليات التدخل السافرة في رسم مستقبلك من قبل الآخرين، لأنك تملك من القدرة ما يكفي لأن ترسم بنفسك لوحتك المستقبلية المميزة، لذا فأنت ستقرأ في مطلع الرواية:

“عندما نرى الأشخاص أنفسهم، كما هي الحال عليه في المدرسة الإكليريكية ـ فإننا نتوصل إلى اعتبارهم جزءاً من حياتنا، وبما أنهم يشكّلون جزءاً من حياتنا، فإنهم يبحثون في نهاية الأمر عن تغييرها كما يرغبون بغير رضانا، لأن كل الناس يعتقدون معرفة كيف يجب أن نعيش تماماً، لكن أياً كان لا يعرف قطعاً كيف يتوجب عليه أن يعيش هو نفسه حياته الخاصة”

ولكن ما هي أصلاً “الأسطورة الشخصية”؟

“هي ماكنت دائماً تتمنى أن تفعل، فكل واحد منا يعرف ماهي أسطورته الشخصية وهو في ريعان شبابه، في هذه الفترة من الحياة، يكون كل شيء واضحاً، كل شيء ممكناً، ولا يخاف المرء من أن يحلم أو يتمنى مايحب أن يفعله في حياته. وكلما جرى الوقت، فإن قوى خفيّة تنشط لإثبات استحالة تحقيق الأسطورة الشخصية. إنها قوى قد تبدو سيئة، ولكنها في الواقع هي تلك التي تعلّمك كيف تحقق أسطورتك الشخصية، إنها هي التي تعد عقلك، وإرادتك، لأن هناك حقيقة كبرى في هذا العالم ” فأياً كنت، وأيّ شيء فعلت، فإنك عندما تريد شيئاً بالفعل، فهذا يعني أن هذه الرغبة قد ولدت في ” النفس الكليّة ” ، وأنها رسالتك على الأرض . وعندما تريد شيئاً ما، فإن الكون بأسره يتضافر ليوفر لك تحقيق رغبتك .”

أجل أنه مبدأ الأفضلية الذي يعطيه الله لكل شخص في هذا العالم, يعطيه إياه عندما يكون صغيرا, يجعله ينجح في أمر من الأمور ويجعله يحب هذا الأمر كثيرا, وقلما تجد من ينتبه إلى هذه العلامة التي تدله على الطريق لتحقيق صيرورته ومعنى وجوده في هذه الحياة,

ولكي نعرف ما هي المهمة التي جئنا من أجلها, وكيف نؤديها, يجب أن نصغي للغة الكون, والكون يتحدث بالإشارات, والإشارات هذه تحدث أمامنا على هيئة ما اعتدنا أن نسميه (حظ) أو ( مصادفة), هذه الإشارات هي طريقة الله – حسب وصف الرواية – في إخبارنا بالطريق الذي يجب أن نسلكه, حتى تتعلم لغة الإشارات الكونية يجب أن تتطور حدسك وتثق فيه, وكي تتطور حدسك يجب أن لا تخاف من ارتكاب الأخطاء, ويجب أن تعرف أن لكل شيء معنى ومقصد.
وهذا المعنى الذي ورد في الرواية:

“كي تصل إلى كنزك عليك أن تكون يقظاً للعلامات، فقد كتب الله قدرنا على جبيننا، واختار لكل منا الحياة التي عليه أن يحياها، وليس عليك إلا أن تقرأ ما كُتب لك … لاتنسَ أن الكل ليس إلا شيئاً واحدً، لاتنسَ لغة العلامات، ولاتنسَ على الخصوص أن تمضي حتى آخر أسطورتك الشخصية … انسَ المستقبل وعش كل يوم من حياتك حسب تعاليم الشريعة، وثق بعناية الإله تجاه أبنائه، فكل يوم يحمل الخلود في طيّاته “

“ولكل امرئ على الأرض كنزه الذي ينتظره ـ قال له قلبه ـ فنحن القلوب، نادراً مانتحدّث عنها، لأن البشر لايريدون العثور على هذه الكنوز، نحن لا نتحدّث عنها إلا للأطفال الصغار، وبعد ذلك ندع للحياة أن تتحمّل مسئولية قيادة كل واحد نحو قدره، ولسوء الحظ فإن قليلاً من البشر يتبعون الدرب الذي خطّته لهم الحياة، والذي هو سبيل الوصول إلى الأسطورة الشخصيّة وإلى السعادة. عندئذٍ فإننا نحن القلوب نبادر إلى الحديث بصوت منخفض أكثر فأكثر لكننا لانصمت إطلاقاً، ونتمنّى بألا يكون كلامنا مسموعاً، نحن لانريد للبشر أن يتعذّبوا لأنهم لم يسلكوا الطريق التي أرشدناهم إليها “.

ولكن ماذا عن عملك الآن، ودراستك اليوم وإرتباطاتك في الوقت الحالي، راعي الغنم سنتياغو (بطل الرواية والذي يسعى ليحقق أسطورته الشخصية ويساعده الخيميائي في ذلك) كانت لديه أيضا إربتاطاته قبل أن يشرع في تحقيق أسطورته، ولكنه عندما رأى الرياح وغبطها على حرية حركتها كما تشاء (حيث انه كان يعتقد أن إرتباطاته تعيقه عن تحقيق أسطورته الشخصية) :

“أدرك أن لاشيء يمنعه أن يكون شبيهاً بها [ أي بالرياح، وحرية تحركها] ، فالأغنام، وابنة التاجر، وحقول الأندلس [ وهي ارتباطات الراعي سنتياغو ] لم تكن إلا مراحل من أسطورته الشخصية “

وهذا يعني أن تحول ارتباطاتك الحالية لتكون مراحل نحو أسطورتك الشخصية وليس أن تكون [ هذه الإرتباطات ] بديلا عن أسطورتك أو عائقاً نحو تحقيقها.
وأخيرا فإن الشيء الذي ماتزال معرفتك تفتقر إليه هو التالي:

“قبل تحقيق حلم ما، تريد النفس الكليّة أن تُقوّم كل ما اكتسبه المرء أثناء تجواله، وعندما تفعل، فليس ذلك نتيجة عدوانيّة تجاهنا، وإنما كي نستطيع وحلمنا اكتساب الدروس التي تعلمناها ونحن ماضون نحوها، إنها اللحظة التي يتراجع فيها معظم الناس، وهذا مانسميه بلغة الصحراء: الموت عطشاً عندما تكون أشجار النخيل على مرمى النظر في الأفق. إن أي بحث يبدأ بحظ المبتدئ، ويكتمل بامتحان الفاتح … من يعيش أسطورته الشخصيّة، يعرف كل ماهو بحاجة لمعرفته، وليس هناك إلا شيء واحد يمكن أن يجعل الحلم مستحيلاً: إنه الخوف من الإخفاق “.

البحث عن الأسطورة الشخصية هل يتطلب منك أن تبحث في حقل آخر من الإلماس غير حقلك؟، أو بعبارة أخرى هل يقبع كنزك الخاص في مكان بعيدٍ جداً؟، أم أن هذا هو وهم آخر؟
هذا ما ستتعرف عليه عند قرائتك للرواية…


comments powered by Disqus