لينكس ... خطوة ما قبل القفز

2010-03-25

لكن لماذا اخترنا توزيعة “أوبونتو” تحديداً ؟
على الرغم من أن أوبونتو ليست عريقة كـ “فيدورا” مثلاً، وأن توزيعة “فيدورا” المدعومة من قبل شركة ريدهات العملاقة أقوى من أوبونتو، إلا أننا اخترنا أوبونتو!!
البعض يعتقد بأن سبب ذلك يعود لكون أوبونتو هي أشهر التوزيعات على الإطلاق وأكثرها رواجاً، وبالتالي فهناك مجتمع معرفي تعاوني ضخم يمكنه تقديم المساعدة للقادمين الجدد، لكن أصلاً ما سبب ذلك الإنتشار الواسع؟
الإنتشار ليس سبباً بل نتيجة لسببٍ ما، سيقولون بأن سهولة أوبونتو هي الكامنة وراء رواجه، لكن هذا أيضاً لن يكفي، لا يكفي أن توزيعة سهلة لتستخدمها، السهولة وحدها لا تكفي … دعونا نميط اللثام عن الجانب الأهم في الموضوع …

أوبونتو توزيعة افريقية، كلمة “أوبونتو” هي كلمة افريقية، ممكن أن نفهمها بالمعاني التالية :

وكنا قد تحدثنا مسبقاً عن أن الهدف الحقيقي الذي دفع بريتشارد ستولمان للعمل على إيجاد “جنو/لينكس” هو القضية الإجتماعية التي يؤمن بها، وهي أن البرمجيات يجب ألا تحد من حرية مستخدمها و أن تحقق المنفعة للجميع، هل من الغريب إذاً أن تكون توزيعة أوبونتو – المنسجمة تماماً مع أهداف جنو/لينكس الحقيقية – هي الأكثر رواجاً وشهرةً وبساطةً وسهولة !!

دعونا نعترف أننا نكاد نفقد البقية الباقية من أثر هذا المفهوم في حياتنا، الإنكار لن يفيد، المجادلة لن تفيد، الحديث عن “الحياة التي تغيرت” و”الظروف الجديدة” و “ان الناس تغيرت” لن يجدي بحق …
نحن غالباً ما نفكّر وفق مبدأ (ربح – خسارة) أي أنا أربح وغيري يخسر، أو مبدأ (ربح – ) أي أنا أربح واﻵخر فاليذهب إلى الجحيم، يربح أو يخسر ما يهم، المهم أنا أربح، آخرون ممن يخسرون دائماً يفكرون وفق منطق (خسارة – خسارة) يعني عليّ وعلى أعدائي
لماذا لا يمكننا أن نفكر وفق منطق (ربح – ربح) إما أن أربح أنا وأنت وإما أن لا نكمل المشروع أو الصفقة أو المفاوضات أو …
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (الخلق كلهم عيال الله، وأقربهم إلى الله أنفعهم لعياله)، الأقرب هو الأنفع للإنسانية بكل أطيافها …
وفي حديث آخر : أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم ، أو تكشف عنه كربة ، أو تقضي عنه دَيناً ، أو تطرد عنه جوعا ، ولئن أمشي مع أخ لي في حاجة أحبّ إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً – في مسجد المدينة – ومن كفّ غضبه ستر الله عورته ، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة ، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يثبتها له ثبّت الله قدمه يوم تزول الأقدام . رواه الطبراني في الكبير ، والحديث في صحيح الجامع .
وهذا ما أدركه المهاتما غاندي بفطرته عندما قال (الخدمة العامة شرف عظيم)، وهي عندنا اليوم مفهوم سلبي ناقص!

لقد نسينا مفاهيم جذرية أراد الله أن تكون أساسية في تكويننا … التطوع، الوقف، الزكاة، التبرع … كل هذا وغيره سيشكل مجتمع “البنيان المرصوص” … لكن عقلية الشح، ومنطق ندرة الموارد، تسود شيئاً فشيئاً، وهي تقول لا يوجد ما يكفي للجميع لذا عليك أن تهتم بحصتك …
أما عقلية السعة (التي بنتها آيات وآحاديث كثيرة، مثل حديث طعام الواحد يكفي اﻹثنين وغيره) تقول بانه يوجد من الموارد ومن كل شيء ما يكفي الجميع …

عندما تستخدم أوبونتو في المرة القادمة، تذكّر أنه وُجِدَ ليعزز فيك أسلوب الحياة الذي يعود بالمنفعة على الجميع.
أحبكم في الله

comments powered by Disqus