عندما ننسى أن نضعها على رأس الأولويات ...
2010-02-01
السلام عليكم …
من مفرزات التخلف في واقعنا : انشغالنا عن الأهم، سواءا بالمهم أو بأي شيء آخر …
العولمة صدّرت لنا حتى قائمة أولوياتنا، ماذا ندرس؟ ماذا نشاهد؟ ماذا نفعل ؟ وماذا نقرأ؟
طرحت في أحد المنتديات العربية سؤالا “هل قرأت كتاباً في العقيدة؟” … والنتيجة المفاجئة كانت … لا أحد ممن شاهد الموضوع قرأ كتابا في العقيدة!!
العقيدة! وهي أهم وأخطر ما يمكن أن تقرأ عنه في حياتك … العقيدة التي لا يمكن لحياتك أن تستقيم دون أن تستقيم هي ابتداءاً … العقيدة التي لا يمكن لك أن تكون كما أمرك الله أن تكون، دون أن تكون هي كما يريد الله أن تكون …
عجيب أمرنا … نقرأ في الروايات وكتب التطوير الشخصي والسير الذاتية ووو ….. وننسى أن نقرأ كتاباً في العقيدة !! …. العقيدة !!
أول كتاب في العقيدة قرأته كان (كبرى اليقينيات الكونية) للدكتور محمد سعيد البوطي، وقد قرأته ثلاثة مرات، وكان من الخطأ أن أبدأ به .. فمستوى الكتاب متميز (كما صنفه الدكتور السويدان في سلسلته صناعة الثقافة) .. وهو يناقش مسائل العقيدة على طريقة الأشاعرة.
ثاني كتاب قرأته هو (هل الإنسان مسير أم مخير) أيضاً للدكتور البوطي، وهو أيضاً على مذهب الأشاعرة.
قرأت بعد ذلك (الإقتصاد في الإعتقاد) للإمام الغزالي ، وهو مختصر جدا وسهل ..
منذ أيام انتهيت من قراءة كتاب (عقيدة المسلم) للشيخ محمد الغزالي، وهو يقع في 240 صفحة، مناسب جدا للجميع، فهو شامل وأسلوبه مبسط …
أثناء قرائتي سجلت بعض العبارات والجمل لأنها استوقفتني … أحببت أن أشارككم بها:
– الإستكانة للضيم تحت عنوان الرضا بالقضاء خطأ فاحش.
– مآخذ المؤلف على علم الكلام : الإسلام في تكوينه للعقيدة يخاطب العقل والقلب، أما علم الكلام فمقصور على العقل، جاف؛ جفاف المعادلات الجبرية. ثم ان الظروف السياسية المقيتة التي نشأ فيها علم الكلام تجعلنا ننفر منه. ولغته جافة للغاية في عصر برع فيه الكتاب بأسلوب لغوي بديع.
– وفي حديثه عن (ليس كمثله شيء) والخلاف حول تأويل بعض صفات الله كاليد والعين وغيرها، يقول رحمه الله “والله أكبر من أن تحيط بعظمته عقولنا أو تستوعب كمالاته أقدارنا، ولغات البشر أجمع قوالب صالحة لما يدور في حياتهم من تفاهم ولكنها دون ما ينبغي لذات الله من تجلية وادراك، وقد اتفق المسلمون سلفهم وخلفهم على ذلك، ولكن اختلفت مناهجهم في التنزيه والتمجيد .. فكلا الفريقين يوافق على التنزيه ونفي تشبيه الله بالحوادت ولكن أسلوب التنزيه عند هذا غيره عند ذاك … ففي قوله تعالى (يد الله فوق أيديهم) قال الفريق الأول لله يد تليق بذاته وكماله ، وقال الفريق الآخر انما هي رعاية الله وتأيده”.
- وتلا ذلك كلام رائع عن مفهوم الاله في القرآن الكريم، فالمفهوم القرآني للاله ليس مادياً؛ فذلك مما يذهب بجلال الذات بسبب تجسده وتحدده وحضوره بالتالي بأمكنه وغيابه عن أخرى. وهو أيضاً ليس مفهوماً معنوياً، أي فكرة مجردة … فمثل هذه الفكرة لن تعتمل في النفس ولن تؤثر في السلوك .. لكنه سميع عليم قادر حكيم مستوي على العرش والملائكة حافون من حوله وليس كمثله شيء.
– كل مايصرف القلوب عن الله فهو صنم ولا عجب فالخمر لم تحرم لعينها وانما حرم المسكر من كل شراب. - ان اخلاص التوحيد يقتضي محبة العدل وكراهية الظلم، فإذا أحب الإنسان جائراً وكره عادلاً فقد أشرك!
– وأساس الإصلاح يعتمد أول ما يعتمد على تصحيح علم العقيدة في القضاء والقدر حتى تعود كما كانت : الدافع الأعظم على التضحية والفداء والوازع الأول على ترك الشر وفعل الخير. - عدالة القدر لا تنافي التفضيل والتميز في القدرات والمواهب الممنوحة للبشر، **لكن الأجر والمرتبة عند الله لا تقاس بما وهب للبشر بل بمدى الجهد الذي بذله الفرد في استغلالها **، ومن المستحيل ان يتساوى البشر في كفاياتهم المادية والأدبية لأن الوظائف التي تقوم فيها بها الحياة تحتاج إلى رؤوس وأذرع وأقدام.
– المعصية مرض يستحق العلاج أكثر من كونها جريمة تستحق القصاص
– ان الإيمان ليستلزم العمل [بإعمار الأرض] كما يستلزم النهار الضوء.
– قال ابن رشد “ان دلاله القرآن على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ليست كدلالة انقلاب العصا حيّة ولا احياء الموتى وابراء المرض، فإن تلك وان كانت أفعالاً لا تظهر إلا على أي الأنبياء وفيها ما ينفع الجماهير من العامة، إلا أنها مقطوعة الصلة بوظائف النبوة وأهداف الوحي ومعنى الشريعة”