حول إعلان أنس نهاية التاريخ
2014-06-11
الصديق الجميل أنس معرواي، واحد من أكثر الأصدقاء على الشبكة قربًا إلى قلبي، تعرّفت عليه منذ أعوام طويلة، ومن خلال مدونته الجميلة تعرفت على الكثير في عالم التدوين والتقنية، فهو من ألهمني إفتتاح مدونتي الأولى، وشجعني (مع الكثيرين) على خوض تجربة استخدام نظام التشغيل لينكس… مؤخرًا كتب أنس تدوينة بعنوان: هل حان الوقت لإعلان وفاة لينوكس على سطح المكتب؟ ولديّ عليها بعض التعقيبات، إلا أنني أجد نفسي استخدم التهكم أحيانا في مثل هذه المواطن، فاستأذنت قلبه الجميل بأن أتكلم وعليّ الأمان :D، وهاكم رديّ.
لم ينسَ المستر أنس التذكير بدايةً بأنه رب اللينكس العربي فهو “من أشد المتحمسين”، ناشر سلسلة “الهجرة إلى لينكس”، والذي قنع الكثيرين وساعدهم لتفعيل هذا الانتقال…. لكن ها هو يخرج من مختبر التحاليل التقنية، مرتديًا مريوله الأبيض، يزمّ شفتيه، وطعم المرارة يعتصر فمه، ليخبرنا أنه “للأسف، قد ضاق ذرعًا بلينوكس كنظام تشغيل سطح المكتب”، وهذه البداية فقط، والتمهيد الضروري، لنتيجة التقرير الذي بين يديه: “أعتقد بأن الوقت قد حان لإعلان وفاة هذه التوزيعات والواجهات” يهز برأسه بعلامات الحسرة والأسف ليردف قائلًا “يؤلمني قول هذا”… Stop، ينتهي المشهد، تسدل الستارة… أكشن، يبدأ المشهد الجديد “الآن، أكتب هذه السطور من خلال حاسبي الجديد MacBook Pro” …
ثلاثة تعقيبات حول طرح أنس
الرأي الشخصي كحقيقة علمية
أكثر ما يجعلني أبتسم 🙂 الأسلوب الذي يقدم به البعض خياراته الشخصية على أنها حقائق كونية نهائية، مطلقة الصحة…. نعلن وفاة لينكس، انتهى، قضي الأمر الذي فيه تستفتيان
أتفهم حقيقة أن لينكس لم يعد يلبي حاجة الصديق أنس، كما غيره الملايين الذين لا يرون في لينكس نظاما قادرًا على تلبية متطلبات عملهم (وهم في ذلك محقون)، لكن لا أفهم أن يعني ذلك (إعلان وفاة لينكس سطح المكتب) ..
أحدهم يحب تناول الطعام في ماكدونالز، فيعتبر أن ماكدونالز أعظم مطاعم المجرة، وما ان يغير ذوقه بعد سنوات، حتى يخرج للملأ معلنًا اتجاه ماكدونالز لإشهار إفلاسها خلال أشهر (أنس فعلها!). نريد أن نكون محور الكون، إذا لم تعد تستخدم لينكس عزيزي فهذا لا يعني أن لينكس فشل كنظام لسطح المكتب، لا يزال الكثيرون يرون أن لينكس مناسب لهم، وهو فعلًا كذلك (الأمر يختلف من شريحة إلى أخرى):
أوبونتو هي التوزيعة الرسمية في الصين
مدينة ميونخ الألمانية تنتقل إلى استخدام توزيعة LiMux
الشرطة الفرنسية تستخدم أوبونتو |
مقاطعة إسبانية تنقل 40 ألف كمبيوتر حكومي لتوزيعة Sysgobex و 85 ألف كمبيوتر لتوزيعة Linex
أما المدارس والجامعات والجمعيات والهيئيات الدولية والأمنية التي تستخدم لينكس فهي حقًا أكثر من أن تذكر، روسيا أيضًا اعتمدت لينكس بالمناسبة منذ عدة سنوات، الحكومة الألمانية تدعم توزيعة سوزي.
لا أريد هنا أن أثبت العكس، بأن لينكس نجح كنظام لسطح المكتب، البتة، لكن ما أود قوله** بأن أحدهم إن لم يعد لينكس يناسبه فهذا على العين والرأس، لكن لماذا يحشر أنف الكرة الأرضية معه** 🙂
المقارنة غير العادلة
النقطة الثانية التي أود ذكرها، أنه لا يجب أن نقارن توزيعة سطح مكتب مجانية يطورها مبرمجون بشكل تطوعي غالبا، مع نظام تشغيل تقوم عليه شركة كآبل، يكاد يصل سعر تجربة الاستخدام حتى ألف دولار (لم أقل أن سعر OSX يبلغ ألف دولار، إذ أن آبل اتجهت مؤخرًا نحو توفير النظام بشكل مجاني، لكن الحديث عن تجربة الاستخدام التي لا تتحقق دون جهاز ماك، وبالتالي فالمستخدم يدفع ثمن ما يستخدم في النهاية).
ذكرنا في مرات عدّة، أننا نتنمى أن تظهر شركة تعمل على تطوير توزيعة لينكس مدفوعة الثمن تعمل على سد نقاط الضعف والنقص… لكن كما أنه لا يصح مقارنة شوكولا جالاكسي مع شوكولا عمّار 🙂 فإنه لا يصح مقارنة سامسونج ستار مع الآيفون، حتى وان كان سامسونج ستار يعمل على الأندرويد، لكن يجب اختيار منافس بذات المرتبة، لنقل أنه إس 5
بالتأكيد عندما ستدفع ألف دولار ستحصل على عمل دون تشويش، وإلا فعندها ستكون كارثة حقيقية أن تدفع هذا المبلغ لتعود لتعاني من مشكلة تبديل اللغة :-/ هذه بديهة متوقعة لا أدري لم تم تقديمها على أنها الاكتشاف الخطير الذي أعلن وفاة لينكس
الأخطاء في كلّ مكان
صديقي يبعد عني مسافة عشر دقائق سيرًا على الأقدام، وهو يملك جهاز ماك بوك، وأعرف أيضًا أنه يواجه مشاكل وعلل وأخطاء مختلفة بين الحين والآخر، ربما بزخم أقل، لكنها موجودة عكس ما يشعر به من يقرأ تدوينة أنس، وهذه منتديات OSX المختلفة، تمتلئ بآلاف المواضيع عن مشاكل وعلل مختلفة، كحال أي منتدى آخر.
المبالغة التي طرح بها أنس حديثه عن ماك بوك، هي ذاتها المبالغة التي كان قد استخدمها عند حديثه عن لينكس قبل بضعة سنوات، إذا لا شيء قد تغيّر 🙂 وهو النظر بشكل مطلق وحتمي تجاه الاختيارات والأذواق الشخصية
عندما تخّلت جدتي عن استخدام أنواع معينة من البهارات في بعض مأكولاتها، كانت تردد ما يقوله جدي “العالم تغيّر”، الذي تبيّن لاحقًا أن جدي أقنعها بذلك لإرتفاع ثمنها آنذاك 😉 خياراتنا الشخصية لن تحدد الاتجاه العالمي، هذه هي ببساطة 🙂
دمتم بود
————————————————
- مع كامل محبتي وتقديري، واحترامي لخياراتك صديقي 🙂
بالنظر إلى أنني لا أتيح إمكانية التعليق في مدونتي، راسلني الصديق أنس بردٍ على تدوينتي، وها أنا ذا أنشره مع تعقيب بسيطٍ:
الرد:
شكرًا لك طريف على التدوينة الجميلة، لكن عندي رد على بعض الأفكار التي يبدو أنها وصلتك بطريقة خائطة أو أنني من لم أُحسن وصفها أو شرحها بالشكل الكافي، لهذا أحببت كتابة هذا الرد من أجل شيء من التوضيح لك ولقرّاء مدونتك.
بالنسبة للمقدمة، فليس الهدف منها أن أقول بأنني “رب اللينوكس”، لكن التعريف بماضيّ وخبرتي في اللينوكس ضروري في بداية المقالة من أجل من لا يعرفني كي لا يُسارع أحد بالاستنتاج بأنني أكتب عن شيء لا أعرفه ويسارع في ذمّي ضمن التعليقات. حسنًا، أنت تعرفني ومُتابع لي منذ فترة، لكن أيضًا هناك من قد يصل إلى هذه التدوينة بالمصادفة عبر غوغل وهو لم يسمع بي من قبل، لهذا لا أستطيع أن أبدأ المقالة دون كتابة مثل هذه المقدمة عن خبرتي مع لينوكس. أما بالنسبة للـ “آكشن” فهو ربما كذلك من وجهة نظرك، لكن هذا أسلوبي في الكتابة وهو لا يختلف عن “الآكشن” في أسلوب مقالتك والتشبيهات التي استخدمتها لجعل المقالة ممتعة للقارىء رغم أنها تشبيهات مًصطنعة وبعيدة وغير موفقة في معظمها، في حين جاءت عبارتي واضحة ومباشرة وصريحة “الآن أكتب هذه السطور من خلال حاسبي الجديد MacBook Pro” أي ليست تشبيهًا وليست آكشن بل وصف مباشر للحقيقة، لم يكن يمكن أن أبدأ المقالة دون توضيح كل ذلك في المقدمة 🙂
لا أدري كيف وصلتك الفكرة أو الانطباع بأنني أقدم رأيي الشخصي كحقيقة علمية، لاحظ أنني لم أكتفِ بالقول بأن (لينوكس غير جيد) وكفى، بل وضّحت وفصّلت بعض المشاكل التي حدثت معي -وطالما حدثت معي فلابد أنها تحدث مع الآخرين وقليلًا من البحث في غوغل يشهد على ذلك-، وأكدت في إحدى النقاط بأن بعض المشاكل قد تكون مُتعلقة ببطاقة الإظهار الخاصة بحاسبي حصرًا وقد لا تظهر في أجهزة أخرى، وكان كامل المقالة عبارة عن وصف لمشاكل حقيقية حدثت معي، في الحقيقة أستغرب من كلامك ولا أدري كيف كان يُمكن أن أنقل ما حدث معي بأي طريقة أو أسلوب آخر، فأسلوبي كان مباشر وواضح وأتحدث فيه عن تجربتي الشخصية فقط ولم أتحدث بالنيابة عن أحد، ولم أذكر بأن لينوكس فَشِل بالمطلق بل قلتُ أنني أنتظر أية شركة كي تأتي وتتبنى لينوكس تجاريًا على نطاق واسع إن كنتَ قد قرأت ذلك.
أما إن كان اعتراضك على قيامي باعتبار لينوكس فاشل على سطح المكتب، فهُنا يمكن أن نختلف والاختلاف طبيعي، إن كان رأيك بأن أقل من 1.5% من المُستخدمين بعد أكثر من 20 عامًا هو نجاح بشكل من الأشكال فأنا قد لا أكون ضدك بالمُطلق، لكنني لا أستطيع قول ذلك في الحقيقة، ولو قلتها لن يكون ضميري مرتاح تمامًا على الأقل :). أما بالنسبة للهيئات التي ذكرتها بأنها تستخدم لينوكس، فيمكنني أن أذكر لك أكثر منها كذلك، وصدّقني لو كنتُ مديرًا مسؤولًا عن هيئة أو مؤسسة حكومية لكنتُ فرضتُ استخدام لينوكس في تلك المؤسسة الافتراضية ولا شيء غير اللينوكس سواء كمخدّمات أو أجهزة سطح مكتب للموظفين، لكن ذاك موضوع آخر، أنا هنا أتحدث عن تجربة شخصية وعن عدم ملائمة لينوكس كنظام سطح مكتب لحاجاتي الشخصية. لا اعتقد بأنك تنتظر مني شرح كل هذه التفاصيل في المقالة وإلا ستتحول إلى مجلّد كامل.
بالنسبة لنقطة بأن المقارنة غير عادلة مابين OS X باهظ الثمن ولينوكس المجاني الذي يعمل فيه الكثير من المطورين بشكل تطوّعي، فمن قال أنها عادلة يا عزيزي؟ مشكلتك أنك قرأت مقالتي واستنتجت أشياء وتخيلت أني أقول أشياء لم أقلها. أنا قلت بأن OS X مناسب لي ولعملي ولوقتي الضيق حاليًا ولم أزد على ذلك، بل وقلت بأنني سأستغني عنه بمجرد أن يصبح كروم مناسبًا لي وأنا في الحقيقة أنتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر. تستطيع أن تتخيل وتتوسع وتنسج قصصًا أو أساطير إغريقية من هذه العبارة البسيطة لكن الحقيقة هي أنني لم أقل أكثر من ذلك.
أيضًا أمر آخر لم أقله، وهو أن OS X خالٍ من الأخطاء، لم أقل هذا وفي الواقع أعتزم طرح تدوينة بعد حوالي شهر من استخدام النظام أشرح فيها ماهي الأخطاء التي واجهتني وماهي الأشياء التي لم تعجبني، مع العلم بأنني أعلم منذ فترة طويلة بأخطاء OS X ومشاكل أجهزة ماك العتادية من خلال أصدقائي، أعلم ذلك جيدًا ولا تنسَ أنني بحكم عملي متابع لجميع أخبار وتفاصيل التقنية لحظة بلحظة، لدي يوميًا مئات المقالات الجديدة على Feedly من جميع المواقع التقنية والتي أقرأها أو أقرأ عناوينها وأعرف جيدًا ما أتحدث عنه. لا أعتقد بأنك تظن بأنني ذلك الشخص الذي يشتري أول جهاز يصادفه “لأن شكله جميل” أو لأن عليه شعار التفاحة. رغم بعض مشاكل OS X فهو بالنسبة لي أفضل من لينوكس حاليًا، لا أدري كيف كان يمكن أن أُعبر عمّا قلت بطريقة أخرى 🙂
أعتقد بأن ردي أصبح أطول من مقالتك، كنت أتمنى أن تكون مقالتك عن النقاط التي ذكرتها وليس عمّا فهمته أنت وافترضته من ما كتبت. على أية حال أعجبتني مقالتك بشكل عام، ورغم اعتراضي على أسلوبها لكنني لا أستطيع أن أعترض كثيرًا إذ كنتُ أكتبُ مثلك بهذه الطريقة المشوقة مع الكثير من التشبيهات المُبالغ بها قبل حوالي أربعة أو خمسة أعوام وابتسمتُ وأنا أقرأ مقالتك، لا أريد أن أقول بأنك ذكرتني بنفسي عندما كنتُ بنفس عمرك لأنني لا أدري فارق العمر بيننا وأعتقد أنه ضئيل وكي لا يعتقد القارىء الذي لا يعرفني بأنني في الأربعين من عمري أو شيئًا من هذا القبيل :)، لكن بما أنك متأثر بأسلوبي إلى هذه الدرجة كنتُ أتمنى منك أن تفهم ما أعنيه وأُشير إليه بشكل أفضل.
بالمحصلة ورغم ذلك أعجبني الرد وشكرا لك :).
تعقيب بسيط لي:
– الحديث عن إعلان فشل لينكس كنظام لسطح المكتب، هو من عمّم تجربتك لتصبح حقيقة موضوعية غير ذاتية.
– أنت تتحدث عن فشل لينكس كنظام لسطح المكتب ثم تقول بأنك ستفرضه على موظفي شركتك (الافتراضية) O_o
– “أمر آخر لم أقله، وهو أن OS X خالٍ من الأخطاء” هذا ما فهمته من حديثك عن أخطاء لينكس ثم القول بأن ماك يقدم تجربة عمل خالية من التشويش
– بالمناسبة ذات الدراسة التي تتحدث عن حصة لينكس من السوق (1%) تشير إلى أن حصة ماك (5,5%) وهذه نسبة متواضعة بالنظر إلى المال الوفير الذي يتمتع به دعم OS X 🙂
– “كنت أتمنى أن تكون مقالتك عن النقاط التي ذكرتها وليس عمّا فهمته أنت وافترضته من ما كتبت”، حتى أنت صديقي كتبت الآن ردًا حول ما فهمته أنت وما افترضته أنت من مقالي :)) هذه النقطة التي كررتَها مطاطية جدًا 🙂
شكرًا لك مجددًا