تجربتي في بناء حاسب مكتبي جديد
2021-01-23
في تشرين الأول \ أوكتوبر من عام 2016 نشرتُ تدوينة بعنوان الدليل نصف-المُفصّل لشراء حاسوب جديد قيّدتُ فيها المعايير والملاحظات التي تعلّمتُ استخدامها أثناء شرائي لحاسبي المحمول السابق. في تدوينة اليوم سأقوم بالمرور مُجددًا على تلك الأفكار وأضيف عليها مما تعملته أثناء بنائي لحاسبي الحالي. لن أعيد شرح كافة المصطلحات الواردة هنا، لذا أنصح القراء الجدد بإلقاء نظرة على الموضوع السابق.
للصدفة البحتة، شهد تشرين الأول \ أوكتوبر أيضًا من عام 2019 شروعي في بناء حاسبي المكتبي الحالي. أجل لقد مضى أكثر من عام منذ ذلك الوقت، لكن أفترض أن هذا عاملٌ ايجابي، وأنه سيجعل المراجعة أكثر واقعية ودقة.
حاسب مكتبي؟
هذا هو أول حاسب مكتبي PC أستخدمه منذ سنوات طويلة جدًا (فترة تتجاوز العشر سنوات). خلال هذه الفترة اعتمدتُ كليًا على أجهزة الحاسب المحمولة. لكن خمس سنوات من العمل عن بعد جعلتني أنتبه أنه من النادر جدًا أن أعمل في الخارج. وحتى معظم تلك الحالات، يمكن تصنيفها تحت باب “تعكير وقت الإجازة بفتح ملفات العمل”.
من جهة ثانية، الميزانية التي رصدتها لن تسمح لي بالحصول على المواصفات التي أريدها إن كان هذا الجهاز محمولًا. في المقابل، الحواسب المكتبية تأتي بأسعار منافسة، وإن كنتُ سأقوم بتجميع القطع من السوق وتركيبها في المنزل فهذا سيساعدني في توفير مبلغ إضافي.
من جهة أخرى، لن يكون متيسرًا أن أجد جهازًا يجمع كافة المواصفات التي أريدها لكافة القطع. التخصيص الكبير سيعني حتمًا بناء حاسب مكتبي.
الشاشة
منذ فترة جيدة وأنا أستخدم الحاسب المحمول مع شاشة خارجية ولوحة مفاتيح وفأرة، التجربة هذه كانت كذلك أحد العوامل التي جعلتني أنتبه للراحة والأريحية في الاستخدام التي يقدمها جهاز منفصل الطرفيات. كما ساعدتني في اتخاذ قرار شراء شاشة أفضل للجهاز القادم.
الحجم، هذا المعيار يسهل حسمه نسبيًا. ما عليك سوى التوجه إلى محلات بيع التجزئة ورؤية كيف تبدو الشاشات بأحجام متفاوتة، وأيها أنسب لك. في النهاية وقع اختياري على 23.8 إنش، وهو المقاس عينه الذي كنت قد فضلته سابقًا عندما اشتريت شاشةً منفصلة لحاسبي المحمول. يمكنني تسميته بأكبر الأحجام الصغيرة :D
الدقة، أي كم بكسل تعرض الشاشة في الطول والعرض. شاشة حاسبي المحمول السابقة كانت من نوع 4K وتعرض 282 بكسلا في الإنش، وتتمتع حقيقةً بصورة رائعة و نقية، لكني عانيتُ طويلًا من مشاكل عدم توافق بعض البرامج مع هذه الدقة، ما دفعني للقول بأن 4K أكثر من اللازم لجهاز حاسب.
لكن استخدامي لشاشة خارجية بدقة FHD أعاد تغيير قناعاتي. الحدة والجمالية التي تظهر بها النصوص والأيقونات في الدقة العالية تُشكّل متعة بصرية يصعب التخلي عنها بعد التعود عليها لفترة. كما أن البرامج التي كنت أعاني من مشاكل في توافقها أُصلحت وباتت تدعم دقات أعلى من ذلك بكثير. هكذا حمستٌ قراري وبحبحت الميزانية لشراء شاشة بدقة 4K.
أيضًا ركزت على أن تكون الشاشة متْ وليست لامعة كي لا تعكس ما أمامها من النور الذي يحيط بها. وهذه كانت مشكلة الشاشة في جهازي المحمول السابق. وليس فقط أنها تعكس الصور، بل تصبح أكثر ازعاجًا للعين.
المعالج
عدتُ بعد سنوات طويلة لاستخدام معالجات AMD متأثرًا بالدرجة الأولى بالمشاكل والثغرات الأمنية التي اكتشفتُ خلال السنوات الماضية في معالجات انتل، والتي تطلبت ترقعيات أدت إلى انخفاض أدائها بشكل ملحوظ. معالجات AMD تأتي كذلك بأسعار منافسة، ما يسمح بالحصول على مواصفات أفضل بنفس الميزانية.
المعالج الذي اخترته كان AMD Ryzen 7 2700X وهو معالج جبار يأتي بسرعة تصل إلى 4.3GHz، ويتكون من ثمانية أنوى حقيقية، و20 ميغابايت من الكاش.
عندما تُفكّر في شراء معالج قوي، فإن آخر ما تُفكر بتحسنه هو سرعة تصفح الإنترنت! لكن هذا فارقٌ لمسته. المواقع الحديثة اليوم تستخدم المزيد والمزيد من أكواد جافاسكربت. المعالج الأفضل سيتعامل مع هذه الكميات المتزايدة بكفاءة عالية ووقت أقل.
قمت بتجربة بناء بعض البرامج من المصدر، مثل إيماكس، والذي يُعتبر من البرامج الضخمة، وكان أداء المعالج عظيمًا بكل معنى الكلمة.
إذا كنت ميزانتك تسمح ولا تستطيع الدخول في التفاصيل التقنية، فالأفضل هو شراء أحدث معالج ممكن وأفضل لوحة أم تستطيع شرائهما. هذين القرارين هما الأهم، وهما من سيحددان العمر الافتراضي لجهازك والقدرة على تحديثه لاحقًا.
إن كنت ترغب بشراء معالج من إنتل، فأنصحك بشدة إلقاء نظرة على الموضوع السابق حيث فصلت فيه كيفية المقارنة بين معالجات إنتل المختلفة.
اللوحة الأم
الخطوة الأولى لبناء حاسب مكتبي هي تحديد نوع المعالج الذي تريد شراؤه، كل شيء آخر يتبع ذلك. لأن المعالج سيُحدد ما هي لوحات الأم التي تستطيع شراؤها. أحد المواقع الجيدة والتي تُسهّل هذه العملية هو PCPartPicker. بمجرد إدخالك لنوع المعالج الذي ترغب بشرائه، فإن الموقع لن يسمح لك بعد ذلك سوى باختيار القطع التي تتوافق مع هذا المعالج. لنقل أنك اخترت اللوحة الأم، الآن لن تظهر لديك من خيارات الذاكرة العشوائية سوى ما يتوافق مع كلا القطعتين، المعالج واللوحة الأم معًا، وهكذا.
اللوحة الأم التي اخترتها كانت MSI B450 Tomahawk Max، أدناه بعض النقاط التي أخذتها بعين الاعتبار:
- تدعم الجيل الثاني والثالث من معالجات AMD Ryzen ما يسمح لاحقًا بترقية المعالج.
- تدعم الذاكرة العشوائية من نوع DDR4 حتى سرعة 4133MHz، وحتى سعة 64 غيغابايت.
- تدعم TURBO M.2 والذي يمكن الاستفادة منه بوصل القرص الصلب للحصول على سرعة قراءة عالية من وإلى القرص.
- زر خاص لترقية وإعادة تهيئة نظام البيوس (بعض اللوحات الأم تُعطب عند ترقية البيوس، مع زر الطوارئ هذا أنت في أمان).
- تدعم الجيل الثالث من PCI Express (إمكانية شراء بطاقات إظهار أفضل).
تحديد اللوحة الأم كان الأكثر صعوب بالنسبة لي، هناك الكثير من الشركات الرائدة، وكل شركة لديها سلاسل منتجات خاصة بها، وكل سلسلة تتضمن مجموعة منتجات. خاصة عندما تبحث وتقرأ المفاضلة بين تلك الخيارات وتجارب الناس، فستدخل بدوامة لا تنتهي، وكلما شعرت أنك ستميل بإتجاه المنتج X تجد فجأة المنتج Y بدأ نجمه باللمعان والكل يمدح به :D
الذاكرة العشوائية
قمت باستخدام بطاقة بسعة 16غيغابايت بسرعة 3000MHz لضيق الميزانية، ثم بعد ذلك بعام أضفت بطاقة أخرى من نفس السعة، كي أنسى تماما الـ System Monitor ومراقبة استهلاك الذاكرة العشوائية. لكن خلال العام الأول لم أصادف مشاكل تتعلق بامتلاء الذاكرة، مرات قليلة وصل فيها معدل الاستهلاك لما يُقارب الـ 90%
القرص الصلب
المقارنة لم تعد بين الـ SSD وَ الـ HDD هذه الأيام، إن كنت تنوي شراء جهاز جديد فاحرص أن يحتوي على قرص SSD لا يقل عن 512غيغا. هناك تفصيل آخر ليس مهم جدًا، وهو المقارنة بين أقراص SSD بوصلة Sata 3 أو M.2. الأخيرة أدائها أعلى في نقل الملفات الكبيرة والنسخ المتكرر، لكن فارق السعر أيضًا جيد. لذا إن كانت ميزانيتك محدودة هنا، الأفضل شراء قرص بحجم أكبر عن شرائه بوصلة أحدث.
الوحدة التي اخترتها كانت Samsung 860 Evo بسعة 1 تيرابايت، وسرعة تصل إلى 600 ميغابايت بالثانية، وأجل بوصلة M.2
بطاقة الإظهار
لم أكن أنوي شراء بطاقة إظهار في بادئ الأمر، فأنا لا أستخدم حاسبي في تشغيل ألعاب الفيديو على الإطلاق. قلتُ لنفسي سوف أوفر ميزانية هذه البطاقة، وأحصل على لوحة أم مع بطاقة إظهار مدمجة. لكن اللوحات الأم التي تأتي مع بطاقات مدمجة كانت تفتقر لعدة نقاط كنت أبحث عنها، لذا لم أجد في النهاية مهرب من التخلي عن بطاقة الإظهار المدمجة.
المعايير التي نظرتُ لها أثناء اختيار البطاقة:
- أن تحتوي على مقبس من نوع Mini DisplayPort، فهذا المقبس مدعوم من الشاشة التي اخترتها، وهو أفضل بمراحل من مقابس HDMI.
- أن تكون من بطاقات AMD الحديثة لأنها تُقدم توافقًا كاملًا مع التعاريف مفتوحة المصدر المتوفرة للينكس.
- أن لا تسبب حرارة داخلية كبيرة للجهاز، بسبب ما قرأته عن معاناة الكثيرين من حرارة هذا النوع من البطاقات. المنتج الذي اخترته يأتي مع مروحتين للتبريد، وهو MSI AMD Radeon RX 570
صندوق الحاسب
لا يوجد الكثير لأقوله هنا، اخترت صندوق Corsair CC-9011151-EU SPEC-05 والذي يأتي معه خمس مرواح تؤمّن انسيابية هواء جيدة، ولا تسبب ضجيجًا يُذكر. الصندوق يأتي مع مزود طاقة يناسب القطع التي اخترتها، وهذه أحد فوائد استخدام موقع pcpartpicker الذي ذكرته سابقًا، حيث يعطيك الخيارات الملائمة لتوليفتك.
في البداية كنت قد طلبت مزود طاقة منفصل، لكن عندما وجدت أن الصندوق يحتوي واحدًا قمتُ بإعادة المنتج. لذا راع هذه النقطة أثناء اختيارك.
بطاقة الإتصال اللاسلكي
هنا لدينا خيارين أساسين: بطاقة تتصل مع اللوحة الأم مباشرةً من خلال PCI Express أو بطاقة بمأخذ USB. ذهب ترجيحي مع الخيار الأول، فحسبما قرأت، هذه البطاقات تتميز باستقرار أفضل، وتعطيك سرعة أعلى في الاتصال، وأداء أعلى. أيضًا هذا النوع يأتي مع لاقط إشارة (هوائي) وهو ما سيُعزز النطاق المجدي للبطاقة.
البطاقة التي اخترتها كانت TP-LINK TL-WN881ND 300 Mbps، لكن إلى الآن لستُ متأكد إن كانت خيارًا جيدًا. نواة لينكس تعرفت على البطاقة بشكل تلقائي، ما عليك سوى إدخال كلمة المرور الشبكة لديك والبدء بتصفح الإنترنت.
رغم ذلك أعاني من مشكلة فقدان الاتصال بالشبكة أحيانًا قليلة. في هذه الأحيان يحصل الآتي: تضعف سرعة الإنترنت (نتيجة الضغط الكبير على الشبكة هذه الأيام - بسبب استخدام المزيد للإنترنت لقضاء أعمالهم ودراستهم)، ثم يبدو كما لو أن خط الإنترنت ذهب، لا أستطيع الحصول على مزيد من المحتوى أو إرسال أي شيء، بعد ذلك يُفقد الإتصال بشبكة الواي فاي نفسها، مدير الاتصال يعاود الاتصال مجددًا، وبعد نجاح المحاولة أحصل على الإنترنت من جديد.
تعلمت بعد ذلك أن لاقط الإشارة الذي يأتي مع بطاقة الإتصال اللاسلكي يمكن ترقيته. اللاقط الافتراضي يأتي مع كفاءة 2dBi (رقم يُعبّر عن كفاءة الهوائي)، استبدلته بآخر ذو كفاءة 5dBi، وهذا حسّن فعلًا من استقرار الإتصال. لكن لا زلتُ أعاني من المشكلة السابقة مرة أو مرتين أسبوعيًا.
في العموم هذا يرتبط كذلك مع موقع الرواتر في المنزل، وهذا ما سأحاول تغييره قريبًا وأحدّث التدوينة هنا إن وجدتُ فارقًا.
تحديث: 17 \ تموز \ 2021
منذ تاريخ كتابة التدوينة وحتى اليوم أجربتُ التعديلات التالية لحل مشكلة بطئ وتقطع اتصال الإنترنت لدي:
بدايةً، غيّرتُ موقع الرواتر في المنزل بأسلوبين:
- الأول وضعه في منتصف البيت، تحديدًا في الموزّع (الكوريدور) بعد أن كان في غرفة جانبية.
- الثاني رفعه إلى الأعلى بالقرب من السقف، فحسبما قرأتُ ينشر الرواتر أمواجه إلى الأسفل، وهذا يعني تغطية أفضل كلما كان الرواتر في مكان أعلى من باقي الأجهزة.
حقّق لي هذا التغيير تحسنًا جذريًا في تغطية المنزل كاملًا بإشارة واي فاي ممتازة.
ثانيًا، رفعتُ سرعة اشتراكي من 24 ميغابت بالثانية إلى 100 ميغابت بالثانية. في السابق كنتُ أحصل على سرعة فعلية 5-10، بعد رفع السرعة أصبح الاختبار يعطي قراءة 25 ميغابت بالثانية. هذا تحسّن مفيد عمليًا لكنه لا يزال رقمًا بعيدًا عن السرعة الاسمية.
ثالثًا، ضبطتُ الواي فاي لتستخدم قناة بتردد 5 غيغاهرتز بدلًا من الاعداد الافتراضي وهو قناة بتردد 2.4 غيغاهرتز. أخبرني أحد الأصدقاء أن استخدام قنوات الواي فاي ذات العرض 2.4 أصبح سيئًا جدًا نتيجة انتشار الشبكات اللاسلكية في العمارة الواحدة بكثافة، مما يؤدي إلى تداخل هذه الشبكات بين بعضها وبالتالي حدوث ضياعات كبيرة. بعد ضبط تردد القناة، هنا حصل التغيير النوعي، أصبح اختبار سرعة الإنترنت يعطي قراءة 90 ميغابت بالثانية الواحدة، وفعلًا تجربة الاستخدام اختلفت جذريًا.
أخيرًا، استبدلت بطاقة الاتصال اللاسكي بواحدة جديدة من نوع TP-Link Archer TX3000E AX3000 Wi-Fi 6 على اعتبار أن القديمة لا تدعم الواي فاي ذات النطاق 5 غيغاهرتز. أداء البطاقة الجديدة رائع، وتعطيني سرعة قريبة جدًا من الاسمية بالإضافة إلى أنني لم أعد أعاني من مشاكل فقدان الاتصال مع الرواتر بتاتًا.
انتهى التحديث.
قمتُ بتثبيت آرتش لينكس على الجهاز، وتوافق القطع 100%. في السابق كنتُ أعاني من مشاكل عدة في توافق بطاقة الإظهار من نوع انفيديا مع لينكس، منها تقطّع الصورة و “رفة” خفيفة أثناء تصفح صفحات طويلة على المتصفح. مع بطاقة الإظهار الجديدة من نوع AMD لا وجود لمثل هذه المشاكل.
أرحب بقراءة استفساراتكم الإضافية في قسم التعليقات.