عن وفاة الدكتور محمد شحرور
2019-12-27
أعلمتني حنين مؤخرًا أن الدكتور محمد شحرور قد وافته المنية يوم السبت الماضي في مدينة أبو ظبي. فوجئتُ أني لم أعلم بالخبر سوى بعد أيام، رغم متابعتي شبه اليومية لعدد من الصحف والمواقع الإخبارية. لذا وددتُ أن أكتب بضع كلمات عن الراحل.
تعرّفت على الدكتور محمد شحرور عن طريق برنامج التفكيير والتغيير، وأثار منهجه - قبل أفكاره - انتباهي وإعجابي. ففي الوقت الذي لا زال معظمنا يُردّد نفس الأفكار ويُكرّر الأدبيات الدينية عينها منذ مئات السنين، قدّم شحرور قراءة معاصرة للقرآن بالاستناد إلى أدوات لغوية ومنظومة علمية لا ينبغي تفويتها والعيش خارجها.
قرأتُ له بعد ذلك كتابيه الإسلام والإيمان، منظومة القيم، والسنة الرسولية والسنة النبوية.. رؤية جديدة، وفيها ستطلع على قراءة تختلف غاية الاختلاف عن كل ما ألفناه تاريخيًا عن الدين والحياة.
أحد ركائز منهجه هو الدفاع عن عدم الترادف في القرآن. وأن اللغة العربية دخلت مع نزول الوحي مرحلة من النضج لم تكن عليها من قبل. فمثلاً كلمة أب
غير والد
.. لذا فآية "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله" تجعل النسب للأب وليس للوالد! كذلك فإنّ للذكر مثل حظّ الأنثيين
لا تعني للذكر مِثلا حظّ الأنثى
.
العقل العلمي يُبنى على أساس الفروق الدقيقة في المبنى والمعنى، أما العقل الأدبي والشعري فلا يضره إن وضع كلمة مكان أخرى أو قال شيئًا وقصد شيئًا مغايرًا.
اعتمد الدكتور شحرور في منهجه أيضًا على تفسير القرآن بالقرآن وقال في أحد حلقات برنامجه سالف الذكر أنه في ذلك يُشبه ما اختاره ابن كثير لنفسه من منهج عندما قال "إن أصح الطرق أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أُجمل في مكانٍ فإنه قد فُسّر في موضعٍ آخر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحةٌ له". مردفًا القول "لكنّي لم أعيَ من القرآن بعد!".
فكرتي هنا بسيطة؛ إن لم تكن قد قرأت لمحمد شحرور وترغب بالإطلاع على نتاج فكري معاصر مختلف عمّا يُردد على المنابر فأنصحك بألا تفوت اختيار أحد كتبه.