القلق: عودٌ على بدء

2024-09-26

تحدثتُ سابقًا عن تشخيصي باضطراب القلق المُعمّم، حيث يصبح التفكير القلِق نمطًا سائدًا، وربما خفيًا، في مقاربة مختلف المواقف الحياتية؛ حقيقيةً كانت أو متخيلة. وذكرت أن التشخيص ساعدني على البدء بملاحظة هذا النمط من التفكير لديّ بشكلٍ تدريجي، وأن ممارسة التأمل اليقظ أعطتني مساحة يومية من الهدوء والاسترخاء التي كانت تتوسع ببطء لتشمل أوقات خارج وقت الممارسة. وأن وضع وقت محدد للتفكير بالمشاكل وعدم تجاوزه يُقيّد القلق.

من الأشياء الأخرى التي أدخلتها إلى روتيني ولم أذكرها في التدوينة السابقة:

  • ممارسة الرياضة لثلاث أو أربع مرات أسبوعيًا.
  • جلسات مساج، في مركز للتمسيج وكذلك في المنزل للمساعدة على فك تشنج العضلات وزيادة الاسترخاء.
  • الاستماع للموسيقى الهادئة على وتيرة يومية.
  • التدوين بانتظام في جورنال شخصي.
  • ممارسة تمارين التنفس العميق.

كانت فترة التعافي تسير ببطء لكن بتحسن مستمر وملحوظ. أنهيت الجلسات الأسبوعية مع معالجي، حيث شعرت بأنه لم يعد هناك الكثير لتعلمه، كل ما أحتاجه هو المزيد من الوقت والممارسة. رغم ذلك، لم تمش الأمور كما كنتُ متوقعًا. حصلنا على التأشيرة لألمانيا بعد ذلك، وهو الشيء الذي كنا نحضر له منذ فترة ليست بالقليلة. بعد الحصول على التأشيرة عاد القلق عندي إلى مستويات غير مسبوقة على الإطلاق. لم أكن أستطع الحصول سوى على ساعات نوم قليلة كل يوم، بشكلٍ متقطع وغير منتظم، لم أستطع إيقاف عقلي عن التفكير بالخطوات التالية، وشعرت أن جهود الأشهر الماضية كلها انهارت فجأة.

خلال بضعة أيام شعرت أنه لا يمكنني الاستمرار بهذه الحالة، وأنني أحتاج إلى مساعدة من نوعٍ مختلف، وهكذا لجأتُ إلى طبيب نفسي. في الواقع، كنتُ أنوي زيارة طبيبٍ نفسي لمناقشة بعض النقاط، لكني فضلت أن أفعل ذلك بعد الاستقرار في ألمانيا؛ لسببين، أولًا يمكنني التعبير عن نفسي بشكل أكثر راحة ودقة باللغة الإنكليزية مقارنة بما يمكنني شرحه باللغة التركية، ثانيًا، أفضل أن أتابع مع نفس الطبيب طالما أننا على أهبة السفر بكل الأحوال.

في جلستي الأولى مع الطبيبة، والتي استمرت لساعةٍ من الزمن، لخصّت لها رحلتي مع المعالج النفسي (والتي كانت من خلال منصة BetterHelp) واستفسرت هي مني عن نقاطٍ عديدة ثم أيدت التشخيص عينه. أخبرتني الطبيبة أنه يندر تشخيص البالغين مباشرةً باضطراب قصور الانتباه. يأتي المريض إلى العيادة بشكوى أخرى، عادةً ما تكون القلق أو الاكتئاب أو غيرهما. ثم أثناء النقاش والعلاج يتم اكتشاف قصور الانتباه كأساس للمشكلة. رغم ذلك، قالت أنه في حالتي يبدو أن اضطراب القلق ليس معززًا بقصور الانتباه غير المعالج فحسب، بل هو اضطراب مستقل له أسبابه ومنشأه الخاص. وطالما أنني قد أمضيتُ أشهرًا طويلًا في العلاج السلوكي المعرفي للقلق ولا زلتُ أعاني من مستوياتٍ عالية فإن الدواء مع استمرار العلاج السلوكي المعرفي سيعطي أفضل نتيجة ممكنة.

وصفت لي الطبيبة أحد أنواع مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRI)، وقالت لي أن التوصية المبدأية هي بتناول الدواء لستة أشهر ثم نقيّم الوضع وبناءً عليه نتصرف. يعمل الدواء، باختصار، على منع الجسم من استرداد السيروتونين وهو ناقل عصبي يُعتقد أنه يلعب دورًا في تحسين المزاج، وهو يعتبر من العلاجات الأكثر شيوعًا لاضطرابات الاكتئاب والقلق المختلفة. يتراوح معدل استجابة اضطراب القلق المُعمم للعلاج السلوكي المعرفي في الدراسات المنشورة بين 47% و75%، بينما يتراوح معدل الاستجابة للعلاج الدوائي بين 44% و81% (المصدر). مُجددًا، الجمع بين الأسلوبين يمكن أن يُقدم للمريض أفضل تجربة ممكنة. نصحتني الطبيبة بمعاودة الإتصال مع معالجي، وهذا ما قمتُ به لعدة أشهر إضافية.

يحتاج الدواء إلى عدة أسابيع ليبدأ أثره بالتراكم والظهور. حيث ساعدني بشكلٍ ملحوظ على تجاوز حالة القلق المُعمم التي كانت لدي، أصبحت أقل انفعالًا، أقل قلقًا، أقل تفكيرًا بالسيناريوهات السيئة التي يمكن أن تحصل، وحتى أكثر واقعية ومنطقية - بمعنى عدم المبالغة باحتمالية أن يقع شيئًا سيء أو بتأثيره إن وقع.

العلاج السلوكي المعرفي فعّال، لكن إن كنتَ لا زلت بحاجة إلى مساعدة إضافية، فاستشارة الطبيب قد تكون الخطوة التالية المنطقية.


comments powered by Disqus