عن ترشيح مياه الشرب منزليًا

2017-09-23

أتحدثُ في هذه التدوينة عن تجاربنا في فلترة الماء المنزلية باستخدام مرشحات من شركتي ZeroWater وَ Brtia

منذ تسعة أشهر انتقلتُ وحنين إلى منزل جديد في منطقة جديدة، ولاحظنا على الفور وجود نكهة واضحة في مياه الشرب لا يُمكن استساغتها، وهكذا وجدنا أنفسنا نشتري المياه المعبأة من السوبرماركت كحال كثيرين آخرين هنا. بعد مضي بضعة أشهر سئمت من هذه المهمة شبه اليومية، أحيانا أنسى شراء المياه، ولا أنتبه لذلك سوى في وقتٍ متأخر، أيضًا وأكثر أهمية فإن استهلاك علب البلاستيك بشكل يومي هو أمر لم يرق لنا بأي شكلٍ من الأشكال.

مع بداية الصيف شاهدنا عدّة إعلانات لمنتجات فلترة منزلية للمياه، الفكرة تبدو جيدة للوهلة الأولى: ستقوم بشراء الجهاز، لتستخدمه في ترشيح ماء الصنبور لديك، وبحسبة بسيطة ستكون تكلفته التشغيلية (يعني تكلفة تبديل الفلتر دوريًا) مقاربة لتكلفة شراء المياه من السوبرماركت.

بعد عملية بحث في الإنترنت ومقاطعة النتائج مع ما هو متوفر في السوق التركية توصلنا إلى منتجين شهيرين، الأول من ZeroWater والثاني فلاتر Brita. إبريق الماء والذي يتسع لعشرة أكواب ويأتي مع فلتر واحد، متوفر (حسب أمازون) مقابل 34$، سواءً من الشركة الأولى أو الثانية. الفارق الأساسي هو في سعر الفلتر (الذي ستضطر لتغييره بشكل دوري)، فلتر ZeroWater يتوفر بسعر 15$ بينما فلاتر Brita متوفرة بنصف هذا السعر تقريبًا.

يُحدّد مدى صلاحية الماء للشرب من خلال مقياس TDS والذي يُعبّر عن “كميّة المواد المنحلة العضويّة واللاعضوية التي يحتويها سائل ما”، حسب ويكيبيديا. يمكن قياس هذه النسبة من خلال جهاز صغير، يُشبه ميزان الحرارة، يتم غمسه بالماء مُعطيًا درجة الأملاح والمعادن المذابة بواحدة PPM (عدد الأجزاء في المليون). المياه الصالحة للاستخدام البشري ينبغي أن تحتوي على أقل من 300 ppm وكلما قلّ هذا الرقم زادت جودة المياه.

تحتاج أجسادنا غالون من الماء يوميًا، أي 4.5 ليتر، أو قرابة عشرة أكواب من الماء في كل يوم

ZeroWater تعد المستهلكين بصفر من المواد والأملاح المذابة من خلال فلتر للماء بخمس مراحل، الشركة الثانية تتحدث عن تقديم حلول عصرية لمياه نقية موفرة اقتصاديًا.

مع مقارنة الأسعار والجودة المُقدّمة من طرف كل شركة، شعرت ُأن فارق السعر ليس بالكبير مقارنةً مع جودة المياه التي تُقدمها ZeroWater، قمتُ بحساب مصروف شراء عبوات الماء من السوبرماركت ووجدت أنه في حال احتجت لتغيير الفلتر كل 30 يومًا فستكون تكلفة شرائه مقاربة لتكلفة شراء العبوات المُعبأة مُسبقًا خلال شهر من الزمن.

هكذا قمتُ بشراء مُرشح الماء من ZeroWater، وقد حصلنا بالفعل على نقاوة فائقة وطعم ممتاز للمياه المُرشحة من خلاله تذكرني بمياه الينابيع التي كنُا نشربها في المناطق الجبلية المحيطة بمدينتي الأم في سوريا. مضى الشهر الأول وبقي الفلتر يعمل بجودته الأولى، وكان هذا مؤشرًا مذهلًا، نحن نحصل على مياه نقية تمامًا، بتكلفة أخفض من السوق الذي يبيع عبوات تحتوي على 80 ppm. بعد مضي قرابة 45 يومًا أصبحت نكهة ورائحة المياه سيئة للغاية بشكل فجائي، تحديدًأ أشبه برائحة زنخة السمك الحادة! بحثتُ في الإنترنت فوجدت أن هذا الشيء “طبيعي” ويعني نهاية عُمر الفلتر وضرورة استبداله. بترحابٍ كبير قمنا بتركيب مُرشّح جديد للإبريق وجددنا البيعة لـ ZeroWater.

المفاجأة كانت بعد 12 يومًا، وهي بعودة زنخة السمك السيئة للغاية إلى الماء! تفاجئنا كثيرًا لمضي أقل من أسبوعين على تركيب الفلتر الجديد، وحاولنا تذكر أية أخطاء قمنا بارتكابها أثناء استخدامه هذه المرة. لا شيء تغيّر، ولكن طعمة ورائحة الماء أصبحت سيئة وتوجبّ علينا استبدال المُرشّح. حسنًا لنجرّب من جديد. قمنا بتركيب فلتر جديد، وهذه المرة أضفتُ مُرشّح صغير أيضًا على صنبور الماء (من نوع المرحلة الواحدة) وهو فلتر بسيط ورخيص ويمكن إبقاءه على الصنبور لمدّة عام. حيث قرأتُ على شبكة الإنترنت أن القيام بذلك قد يُطيل من عُمر مُرشّح ZeroWater بشكل جيّد. ثم ماذا؟ ما هي سوى 12 يومًا أخرى وأعلن الفلتر مجددًا عن انتهاء أمده وضرورة استبداله! كان الأمر مفاجئًا للغاية. كيف بقي أول مرشح (والذي يأتي بشكل مسبق مع الإبريق) لمدّة 45 بجودة عالية بينما لا تستمر الفلاتر الأخرى لأكثر من 12 يومًا.

بحثتُ في الإنترنت وقرأت الكثير من المراجعات وتجارب المستخدمين، وتوصلت إلى أن الشركة تُرسل مع الإبريق فلتر ماء أصلي، بينما تبيع في الأسواق فلاتر مُعاد تصنيعها، وهو شيء لا تنكره أو تخفيه الشركة في موقعها الرسمي على الإنترنت، وهذا هو سبب اختلاف أداء المُرشحات بشكل كبير من متجر وآخر, البعض استطاع إيجاد متاجر تبيع فلاتر أصلية غير مُدورة، ولكن كثيرون مثلي لم يكن باستطاعتهم ذلك.

عند هذه المرحلة نظرنا في الموضوع مجددًا، لنرى أنه ليس من الضروري أن نحصل على رفاهية صفر ppm والتي ستكون مكلفة اقتصاديًا بشكل كبير، لا سيما أن عبوات الماء التي تُباع في السوبرماركت تترواح نسبة الأملاح والمعادن المذابة بها من 30 - 90 حسب الماركة (وبالتالي السعر) ولكنّ أرخصها وأعلاها نسبةً كان يُقدم مياه جيدة جدًا ونظيفة مقارنةً مع مياه الصنبور لدينا، وعلى هذا الأساس قمنا بشراء إبريق من Brita وبدأنا رحلة تجربته.

المياه من الصنبور لديّ تعطي على مقياس الـ TDS رقمًا يتراوح ما بين 125 إلى 175 (تختلف من يوم لآخر ومن وقت لآخر)، وفي المقابل يُعطي مُرشّح Brita مياه بنسبة 60 إلى 80 ppm. وهو أمر ينعكس كفارق في نكهة المياه بين هذا المُرشح وذاك المُقدم من ZeroWater، ولكن في كل الأحوال فجودة المياه من ناحية النكهة أو المقياس مساوية لتلك التي تُباع في السوبرماركت والتي ظللنا نشربها لعدّة أشهر.

فلتر Brita استمر لقرابة 35-40 يوم، بنفس الجودة سواءً للفلتر الذي يأتي به إبريق الماء بشكل افتراضي أو لذاك التي تشتريه لاحقًا من الأسواق، وهو فلتر من مرحلتين اثنتين بالمناسبة. وهذا ما قمنا باعتماده في نهاية المطاف، حيث يُقدم جودة معقولة بالمقارنة مع السعر، بالإضافة إلى اعتباره بديلًا توفيريًا عن شراء الماء من السوبرماركت، يُريح كاهلك وكاهل البيئة من استهلاك عُلب البلاستيك بشكل يومي.

لاحظ أن عُمر الفلتر سيختلف حسب جودة المياه التي يتلقاها من الصنوبر، فما يستمر بالعمل عندي لعشرة أيام قد يستمر عند آخرين لثلاثة أضعاف هذه المدّة.

هناك نصيحة أخيرة أود تقديمها قرأتها من بعض المختصين بالصحة العامة، ان استخدام فلتر بسيط من مرحلة واحدة (يعني فلتر يستخدم الكربون المنشط) كافٍ للحصول على مياه نظيفة من الملوثات الضارة الأساسية.

حقوق الصورة البارزة: “Bottled water” by Myrtle Beach TheDigitel is licensed under CC BY 2.0


comments powered by Disqus