لماذا يتوجّب علينا تقديم الأعذار ؟!
2010-09-11
هذه المعضلة قد لا أقدر على بسطها لكم لكنّي أمرّ بها أحيانًا عندما أقرأ فكرةً ما، فينتابني إحساسٌ عميق بأنني كنت أبحث عن هذه الفكرة بالذات منذ زمن طويل ولم أكن أجدها!!
عندما ألتقي ببعض الأفكار أشعر بأنّ صوتًا داخليًا يقول لها : منذ زمنٍ وأنا أنتظرك! فلمَ تأخرتِ عليّ!
وكأنني كنت أعرفها من قبل، لكنّي لسببٍ أو لآخر أضعتها تمامًا من خارطتي المعرفية، ثم وجدتها فجأة.
أو كأنّ هذه الفكرة كاد معناها أن يتولد في داخلي، وبينما أعاني من إرهاصات ولادتها من داخل ذاتي، تأتيني من مصدرٍ خارجي فيريحني من عملية متعبة!
المهم .. ما أود قوله : هو أنني عندما ألتقي ببعض الأفكار أشعر بأنه كان لابد أن نلتقي، وكأن هذه الفكرة حسناء سمعت عنها كثيرًا، فلما رأيتها شعرت بحنين قديم …
بينما كنت أتصفح أرشيف تدوينات الأخ عبد الله المهيري، وجدت فكرةً من النوع السابق. بالمناسبة فأنا أعتبر أن العزيز سردال (الإسم الحركي السابق للمهيري) هو أيقونة من أيقونات التدوين العربي، هذا الشخص أثّرت فيّ تدويناته بشدّة، وعلّني أتحدث عن ذلك لاحقًا.
فما هي هذه الفكرة التي تحدّث بها سردال … أقتبس لكم النص دون تعديل :
“عندما تكون في موقف يضطرك إلى رفض شيء ما من شخص ما، لا تحاول شرح الأسباب للشخص الآخر، يكفي أنك ترفض دون شرح الأسباب، ومن المفترض أن يحترم الآخرون قرارك ولا يحاولون البحث عن دوافعك، لكن في الغالب سيحاول الطرف الآخر معرفة أسبابك وسيفعل ذلك لأنه يريد تحطيم هذه الأسباب وبالتالي تغيير قرارك، مثل هذه المواقف تحدث لنا كل يوم تقريبًا، أرح نفسك من عناء الحوارات الطويلة ولا تحاول أن تشرح للآخرين الأسباب، والأمر نسبي، في بعض الأحيان يجب أن تشرح الأسباب.
إن كنت أنت الطرف المقابل وأخبرك شخص ما برفض فكرتك أو عارضك فلا تحاول البحث عن الأسباب، طبعًا الأمر نسبي، إسأل نفسك: هل يستحق الأمر العناء؟ قد تعرض على صديقك أن يخرج معك في نزهة قصيرة، ولنفترض أنه رفض الذهاب معك، في مثل هذه الحالة لا تتعب نفسك بمعرفة أسباب رفضه، تقبل رفضه بروح رياضية والحياة أقصر من أن نضيعها في مثل هذه المواقف الصغيرة.”
هذا ماكنتُ أبحثُ عنه منذ فترة!
اﻵن تذكرت! آه … نعم ، لقد قرأتُ شيئًا عن ذلك في كتاب ‘فجّر طاقتك الكامنة في الأوقات الصعبة‘ لديفيد فيسكوت، يقول المؤلّف تحت عنوان ‘افعل ما يحلو لك’ :
“إن التبرير الوحيد الذي تحتاجه كي تعمل أي شيء تريده هو ببساطة ‘أنا أريد أن أفعل ذلك’
إن التبرير الوحيد الذي تحتاجه لعدم فعلك شيء لا ترغب فيه هو ببساطة ‘أنا لا أريد أن أفعل ذلك’
سوف يفهم الذين يحبونك ذلك، لن يفهم ذلك من لايحبونك.
أنت لست في حاجة إلى مبررات أو أعذار لتكون ذاتك”
لكن ذلك لن يستوِ تمامًا دون فكرةٍ أخرى متممة، يتبعها الكاتب بالصفحة التالية مباشرة بعنوان ‘تحمّل تبعات اختيارك’، وهي فكرة يركّز عليها الكتاب بشدّة، تحمّل المسؤولية أساس الحريّة، ولا تلم أحدًا على الإطلاق، لا حظك! ولا الظروف ولا الأشخاص ولا القدر ولا الطقس ولا شيء على الإطلاق ..
أتمنى أن يفهم الكلام السابق ضمن سياقه الصحيح، أنا لا أقصد هنا مفهوم ‘الحرية الشخصية’ وهو المصطلح الذي يستخدم عادةً كبوابة لدخول عالم الرذائل الدنيئة (للأسف كثيرون لا يفهمون من الحرية إلا الإنحلال الأخلاقي).
أنا لا أشجعك في هذه التدوينة على أن تَفسُدَ وتفسد غيرك بدعوى أنك ‘تريد يذلك’، ولا أقول لك ألحق الأذى باﻵخرين تحت مسمى ‘افعل مايحلو لك’، أظن أن مقصدي قد وصل …
أتأسف من كل صديقٍ أرهقته في يومٍ من الأيام وأنا أطالبه بأسباب رفضه لأمرٍ ما عرضته عليه، من اليوم سوف أحترم رغبات الجميع وقرارات الجميع في فعل مايشاؤون أو ترك مالايرغبون به دون ازعاجهم بإلحاحي المستمر بحثًا عن الأسباب (لا تنسوا أنّ الأمر ‘نسبي’ )
وأتمنى من اﻵخرين أن يبدؤا بالتآلف مع هذا المبدأ الذي تبنيته اليوم ..
بالمناسبة .. عيدكم مبارك