نعمت بالحياة عندما أخرجته من حياتي ... نصيحة العام
2010-02-07
قرأتَ وقرأتُ عشرات وعشرات المقالات في تصنيف “تطوير الذات”، أقل ما قامت به هذه المقالات هي رفع درجة الوعي بأشياء سلبية علينا أن نتخلى عنها وبأمور إيجابية علينا أن نطبقها … وبعضها وسّع لنا مدراكنا والطريقة التي ننظر بها إلى الحياة … وغالباً ما نائت أكتافنا بتلك النصائح والإرشادات و “الوصفات السريعة” المغرية وتهنا بينها ….
لكن من بين ذلك الركام كله كنتُ أنتقي أفكاراً حساسة لأكتب عنها، كنتُ أريد أن أجمع لك أفضل الأفكار التي قرأتها وأصيغها بأسلوبي في مدونتي هذه ….
ومن بين كل تلك الأفكار التي عرضتها إلى اليوم، يمكنني أن أزعم بأن** نصيحة اليوم هي الأهم على الإطلاق** ..
صدقني … دعك من كل نصائح التطوير التي قرأتها منذ بداية العام … واجعل نصيحة اليوم هي نصيحة العام .. نصيحة واحدة ركّز على تطبيقها خلال عام كامل … وأخبرني بالنتائج
أخرج التلفاز من حياتك !! هذه هي ببساطة .. دون تعقيد، دون رموز، دون وصفات … أخرج التلفاز من حياتك …
شخصياً لم اخرج التلفاز من حياتي دفعة واحدة … وفي لحظة قرار صعبة ! لكني عملت على التدريج … وشيئاً فشيئاً … اليوم أنا لا أشاهد التلفاز لأكثر من خمس ساعات أسبوعياً… وسأعمل جاهداً على تقلصيها وتقليصها … حتى هذه الساعات الخمس أو الست .. أكون فيها جالساً مع الأسرة .. في غداء أو عشاء أو غير ذلك … ويكون التلفاز هو المتحدث المعتاد … فأشاهده بحكم جلوسي معهم ….
إنها للحظة عظيمة تلك التي قرأت فيها أول مرة تلك الفكرة …. الفكرة أضاءت في ذهني … لم أطبّقها في حينها – كما نفعل مع معظم نصائح تطوير الذات – وطويت الكتاب … لكن الفكرة كانت تعتمل في داخلي .. وشيئاً فشيئاً ….
أتصدقون … انقطعت يوم الجمعة الماضي من أي كتاب أقرأه … وتملكني الملل من الكتابة و النت وكل شيء … فجلست لأبحث في التلفاز عن شيء أشاهده … ضمن مئات القنوات .. السياسية والدينية والوثائقية والفنية ووو …. ساعة من الزمن … شعرت بها ثقيلة على صدري … انفجرت مللاً …لم يعد التلفاز ذلك الصنم الذي كنت أعبده!!! ولله الحمد
اليوم أتابع التلفاز عن عمد لمشاهدة نشرة أخبارية(يوميا)، أو فيلم وثائقي هام(أسبوعيا)، أو حلقة لأحد الدعاة المميزين وفي موضوع لم أسمعه من قبل(أسبوعيا) … وليس لدي أوقات ثابتة لذلك … لكن حينما يكون لدي فراغ فالخيارات الثلاثة السابقة هي مقصدي …
يقول الدكتور ياسر عبد الكريم بكار في كتابه “القرار بين يديك” (ما زلت أشعر بالامتنان لتلك اللحظة التي قررتُ فيها إخراج التلفاز من بيتي. لقد أتاح لي ذلك الفرصة لألتفت إلى ما هو أمتع وأكثر إثارة وفائدة. التلفاز يصرف انتباهك عن نفسك وإمكانياتك إلى ما يفعله اﻵخرون أو ما يريدون أن يخبروك به. نعم فهو يحولك إلى كائن سلبي منفعل. وعلاوة على ذلك أثبتت دراسات رصينة أن هناك علاقة وثيقة ومطردة بين الساعات التي نقضيها امام التلفاز وبين شعورنا بالحزن و الإكتئاب. ولذا كانت نصيحة العلماء – إن كان ولا بد – أن يوضع التلفاز في زاوية خاصة، وأن يغطى بغطاء خاص كأي جهاز في البيت نستخدمه عند الحاجة إليه فقط، وألا تجاوز فترة الجلوس أمامه أكثر من ساعة يومياً مع العناية بالمادة التي نشاهدها)
لكن لماذا أعطيت لهذه النصيحة كل تلك الأهمية؟ نحن نتكلم مثلاً عن القراءة … حسناً إن كان التلفاز يأخذ خمس ساعات من وقتك في كل يوم فقل لي بالله عليك متى تقرأ؟ البعض يتحدث عن مزوالة الأعمال الرياضية أو الانضمام الى عمل تطوعي أو كتابة المذكرات أو تنمية المهارات …. كل نصائح تطوير الذات تحتاج إلى وقت لتقوم بها … فنجاحها متوقف على أن تؤمّن لها الوقت اللازم …
ولا وقت أسوأ من ذاك الذي تقضيه أمام التلفاز … فحوله إلى وقت مثمر فعال لكل ماسبق …
استبدل التلفاز بالكتاب والمجلة والجريدة .. اكتب أنت … العب الشطرنج ونمي قدراتك التفكيرية ..نمي خيالك … طور مهاراتك في التواصل …. وانظر إلى محصلة ذلك كله …. وأخبرني
لا أقول بأنك ستنقلب 180 درجة وستحصل على السعادة والنجاح والمتعة وووو … حينما تترك التلفاز … لا أحب هذه الشعوذات … لكن تحسناً ملحوظاً وتدريجياً سيدخل إلى حياتك …
هل ترغب أن تقرأ بعض الدراسات التي توضح خطر التلفاز ؟؟ إقرأ مثلا في مجلة العربي عدد 605 مقال بعنوان (هل يجعل التلفزيون أطفالنا بلهاء؟) … آثار اجتماعية ونفسية وعضوية سيئة يخلفها التلفاز .. الصرع مثلاً .. تخفيض عتبة الإحساس باﻷلم عند الأطفال أثناء المتابعة .. بلوغ مبكر للأطفال الذين يشاهدون التلفاز بالنسبة لأقرانهم الذين تكون متابعتهم للتلفاز أقل … انخفاض مستوى الأداء التحصيلي عقب مشاهدة التلفاز بالنسبة للمستوى قبل المشاهدة (ولاسيما الرسوم المتحركة) … الدراسات تثبت وجود ما يسمى بـ “بله التلفزيون” …. دراسة فرنسية تظهر أن 40% من عائلات طلبة المدراس العليا لا يملكون تلفاز لأن هذه العائلات تعيش في منطق ثقافي ينبذ التلفاز !
هل سوف تجرب … بالتدريج … أخرجه من حياتك …. نصيحة واحدة فقط لهذا العام … فلا تنساها