انتصرت الثورة السورية العظيمة
2024-12-08
أذكر البداية كانت في اجتماعاتنا عقب انطلاق ثورة يناير في مصر، نتبادل وجهات النظر فيما إذا كانت ستنطلق لدينا ثورة مشابهة، وكيف سيكون مسار الأحداث. أذكر أولى المظاهرات، عندما كان الأمن يمنعنا من التجمع في ساحة الساعة، أذكر أحدهم وهو يتحدث عن كيف يُتلاعب بنا من الخارج. لم يكمل كلمته إلا وأصوات الأجهزة الصاعقة تتالى، ونبدأ نحن بالركض.
أذكر ليالي صيف الثورة الأول، والمظاهرات الليلية والحشود والهتافات وطعم التمرد والحرية والهروب من الرصاص. ثم كان الخريف، واستشهد طاهر، الحدث الذي ترك أكبر الأثر في نفسي، ثم استشهد هادي ونداؤه الجميل "حيّوا العلوية" في بداية كل مظاهرة، واستشهد الشيخ أبو الطيب، رمز الشجاعة الأدبية، الذي كان يمسك المايك في كل جمعة ويقول جهرًا "السلام عليكم يا شباب، هذه الجمعة هي جمعة ثورة، واسمها كذا، تكبير".
التُقطت هذه الصورة في 16 كانون الأول 2011، بعد تسعة أشهر من إنطلاق الثورة السورية، وقتها وبينما كانت المعارضة المسلحة آخذة بالإنتشار أكثر، أصبحت الثورة نمط حياة، يطبع معظم أحاديثنا وقرائاتنا وهمومنا وأحلامنا وحتى عشقنا.
ثم جاء عام 2015، حيث اضطررت وحنين لمغادرة سوريا، وكانت الحرب على أشدها، بدأت روسيا باستعادة المناطق التي خسرها الأسد أمام الفصائل المعارضة، وبدا المشهد أكثر قتامة شيئًا فشيئًا، ثم خلال بضع سنوات كان النظام (بمساعدة حلفائه) قد استعاد السيطرة على معظم سوريا. مرّت فترات، كنا قد فقدنا الأمل فيها برؤية التغيير السياسي في حياتنا. ظننا أنه من الصعب أن نقطف الثمار، فعساهم أبناؤنا.
في نهاية عام 2022 تعرفت على الصحفي القدير نضال معلوف، وهو صاحب متابعة واسعة وقراءة متأنية للأحداث، وبدأتُ من خلال تحليلاته ومقاطعه أرى الأحداث من زاوية مختلفة، وعاد لي الأمل على حقيقة أن نظام بشار الأسد أصبح متهالك وأنه لم يعد بمقدوره الاستمرار دون تلبية المطالب الإقليمية بإيقاف تصدير الكبتاغون وإعادة اللاجئين وتطبيق الحل السياسي، وأنه إن فعل ذلك يكون قد أنهى نظامه بنفسه، وإن لم يفعل ذلك فهو سيخضع للمزيد من الضغوط من الحلفاء وسيتقلص عنه الدعم تدريجيًا، فتخرج عنه زمام الأمور.
والبقية عندكم! عاشت سوريا، وسقط بشار الأسد.
حنين وأنا وأحد الأصدقاء، برلين