لقد تخرجت!

2024-04-07

في آذار 2020 بدأت رحلة دراسة علوم الحاسوب ضمن جامعة UoPeople مدفوعًا بعددٍ من الأسباب: بطء مسيرة التعلم الذاتي، إفتقادي لإطار ومنهجية ترّتب وتجمع المواضيع التي أرغب بتعلمها، وقناعتي بأن الشهادة وإن لم تكن ضرورية لنيل فرص عديدة في قطاع العمل، إلا أنها بالطبع رافد مهم لفتح فرصًا عديدة.

في آذار 2024 أكملتُ حلمًا لطالما أردتُ تحقيقه: دراسة علوم الحاسوب، متخرجًا من الجامعة بدرجة الشرف. تغمرني مشاعر من السعادة والفخر بتمكني من تحقيق حلمٍ شخصي طويل الأمد، رغم ظروف طويلة وعريضة، وإلى جانب مسؤوليات العمل والأسرة. خاصة عند معرفة أن 16% فقط من الطلبة الجامعيين في UoPeople يتمكنون من نيل درجة البكالوريس في غضون أربع سنوات.

تحدثت في تدوينة سابقة عن تجربتي في الدراسة إلى جانب العمل، وعن نمط التعلّم ضمن جامعة UoPeople وفصّلت في تدوينات أخرى عن طبيعة المقررات التي درسناها في السنة الأولى، الثانية والثالثة. تبقى لديّ تغطية مقررات السنة الرابعة في تدوينة لاحقة. لذا لن أعيد هنا شيئًا مما سبق وذكرته. لكن أريد التأكد على نقطة مهمة، حيث تأتيني تعليقات في بعض الأحيان تسأل عن مدى أهمية الحصول على شهادة في مجال يمكن دخوله واتقانه ومزاولته دون صرف أربع سنوات في القراءة وكتابة الواجبات. وهذا صحيح لا أحد يُشكّك به. لا سيما بالنسبة لشخص قد فاتته المرحلة الطبيعية للدراسة الجامعية (العشرينات) وبات أمام مسؤوليات عديدة لا تترك له وقتًا كبيرًا يصرفه على تحقيق أهداف متوسطة أو طويلة الأمد. الشيء الذي لطالما رغبت بتحقيقه والذي ذكرته في الفقرة الثانية هو دراسة علوم الحاسوب، وليس مجرد الحصول على شهادة جامعية. هذا هدف مرتبط بشغف معرفي لديّ بالتعمق في فهم الأشياء التي أهتم بها، والتي على رأسها يأتي الحاسوب. إن كان لديك نفس الهدف وترغب بتحقيقه بأسلوبٍ التعلم الذاتي فهذا أمرٌ مشروع. وإن لم يكن لديك نفس الهدف، وإنما ترغب بمزاولة البرمجة كمهنة وتسعى لتعلمها بشكل ذاتي فهنئيًا لك. مجرّد أنني اتخذت طريقًا لتحقيق هدفي لا يفرض عليك شيء بالمقابل، فأنا هنا أتحدث عن تجربتي، وكيف وجدت النظام الجامعي مفيدًا لي بدرجة كبيرة على الصعيد الأكاديمي، المهني والشخصي.

نظام الجامعة المبني على واجبات القراءة المُقيّدة بمواعيد نهائية، وعلى مذاكرات، وامتحانات، ونجاح، ورسوب ومكافآت دفعني في نهاية المطاف إلى قراءة ما يقارب 12 ألف صفحة من المقررات الجامعية، بالإضافة إلى مئات الصفحات من الإنترنت. ليس فقط في مجال علوم الحاسوب، بل وضمن مجالات الفلسفة، القانون، الأخلاق، البيئة، التاريخ، والصحة النفسية الأمر الذي فتح لي آفاق معرفة واسعة، غيّرت من طريقة تفكيري في كثير من الجوانب.

نظام الجامعة المبني على ثلاث واجبات مكتوبة كل أسبوع لكل مقرر صقل أسلوبي في الكتابة الأكاديمية، وصقل لغتي الإنكليزية وحسّن من نسق ترتيب الأفكار. وفي الحقيقة، أجد الكتابة، لا القراءة، هي التي تؤدي إلى فهم الأفكار بشكل عميق ما يُساعد على تشكيل "تحصيلك العلمي"، أي العلم الذي يمكنك تطبيقه في حياتك.

تعلّمتُ أيضًا أن جامعاتنا، على الأقل على المستوى السوري، لا تقدم من التجربة الأكاديمية التي حصلت عليها ولا عشرة بالمئة، وأن انطباعي عن التعليم الأكاديمي الرسمي السابق كان مبنيا على نظام تعليمي مشوّه وقاصر ينبغي إصلاحه بشكل جذري. تعلّمت أيضًا مجددًا أنه إن لم تنجح في المرة الأولى، يمكن لك أن تنجح في الثانية أو الثالثة - كما في حالتي - أو أكثر! وأنه إن لم تستطع التأقلم مع نظام، جامعي أو غيره، ابحث عن شيء مختلف، فقد تجد ما يناسبك.

في النهاية أود تسليط الضوء على عامل آخر خفي في نجاح إكمالي لمشوار التعليم الأكاديمي، ألا وهو الدعم الكبير الذي قدمته لي شريكة دربي؛ حنين والتي شجعتني على اتخاذ القرار بتوقف ملاحقة الهدف السابق باستكمال دراسة هندسة الكهرباء عندما رأت أن ذلك لن يعمل. وهي من شجعني على التقدّم والتسجيل بجامعة UoPeople وخلقت لي الظروف المناسبة لمتابعة المسير في هذا الطريق حتى نهايته، فشكري وامتناني موصولٌ لها.

../images/2024/cert.jpg

comments powered by Disqus